-
"الهجرة".. إلى مسقط الرأس!
باريس - مزن مرشد
بعد أن خاطر بحياته من أجل الوصول إلى ألمانيا، بركوب البحر أولًا، ثم سيرًا على الأقدام لأيام، وبعد أن ذاق الأمرّين من أجل الحصول على اللجوء، يسحب "عبيدة. ش" لجوءه ويقرر العودة طوعًا إلى دمشق التي غادرها منذ أكثر من تسعة أعوام، قضى منهم خمسة أعوام في تركيا.
هشام، "أبو محمد"، الذي وصل إلى ألمانيا بعد أن دفع كل ما يملك من أجل الوصول إليها، عاد فغادرها بعد أقل من ثلاث سنوات، عائدًا إلى سوريا، لكنّ الندم بدأ ينهشه بعد شهور قليلة من عودته، ويقول لـ"عروبة 22": "أدركتُ متأخرًا أنّ الوقت كان في صالح عائلتي مهما تأخّر، فبعد أن حصلت على الإقامة تقدّمتُ يطلب "لمّ الشمل" لزوجتي وأولادي الأربعة، لكن الإجراءات تأخرت، فغادرت ألمانيا بعد تقديم الطلب بتسعة أشهر فقط، واليوم بعد أكثر من خمس سنوات على عودتي لا أجد أي حكمة بتصرفي، فقط حرمتُ عائلتي حتى من الحلم بمستقبل أفضل، ولن أستطيع المغادرة من جديد لأنّ الوضع لم يعد كما كان".
اقرأ هذا الخبر: الاتحاد الأوروبي يقر تشريعات جديدة نهائية للهجرة...تعرف عليها
كذلك حال "أبو أمجد" مشابه تمامًا لحال "أبو محمد"، لكنه استطاع أخيرًا أن يخرج - مع عائلته هذه المرّة - سالكًا طريق التهريب، من جديد، ولكن باتجاه دولة جديدة، فأبواب ألمانيا باتت مغلقة تمامًا بوجهه.
نقلة نوعية؟
باتت تشكّل الهجرة العكسية ما يشبه الظاهرة بين اللاجئين من مختلف الفئات العمرية، وبعضهم كـ"مهنّد" وصل وحيدًا إلى فرنسا واستطاع أن يحصل على حق اللجوء، وهو اليوم يصرّح أنّ ما يمنعه من العودة إلى سوريا ليعيش بجانب والدته هو الخدمة العسكرية فقط، ولذلك يسعى جاهدًا إما لدفع البدل أو الحصول على الجنسية حتى يستطيع زيارة أهله أو الانتفال للعيش الدائم معهم.
وتعتبر حالات الهجرة العكسية بمثابة نقلة نوعية بمسيرة اللجوء السوري، إذ شهدت الأعوام القليلة الماضية عودة عدد متزايد من اللاجئين السوريين من أوروبا إلى سوريا، خاصة لمن كان نزوحهم القسري بسبب الحرب الدائرة في مناطقهم، أما أولئك الذين اضطروا للهرب لأسباب متعلقة بملاحقات أمنية من أجهزة النظام، فهؤلاء لا أمل لهم بالعودة لا بالجنسية ولا بأي طريقة أخرى إذا ما استمرّ التهديد الأمني بحقهم.
اقرأ هذا الخبر: اللاجئون في "مصيدة" السيارات المستعملة: نصب واحتيال وفساد!
وتعود هذه الهجرة إلى مجموعة من العوامل التي تشكلت على مدى السنوات الماضية، من بينها تحسّن الوضع الأمني في بعض المناطق داخل سوريا، بعد انتهاء العمليات العسكرية فيها، أو في مناطق النظام التي لم تطلها الحرب. ومن الأسباب كذلك شحّ العلاقات الاجتماعية في أوروبا والتي تسبب الكثير من اليأس للاجئين، والعامل الديني، ما يجعل خيار العودة أمام البعض هو الحل، كما ترتبط العودة لفئة أخرى بالحالة العاطفية التي تربطهم بأسرهم خاصة من لجأ وحيدًا وبقيت عائلته بالداخل.
ومما دفع البعض أيضًا لاتخاذ طريق الهجرة المعاكسة هو بعض المعاملات العنصرية التي واجهتهم في محيطهم، الأمر الذي شجّع البعض إلى الهجرة مجددًا ليس بالضرورة إلى سوريا إنما نحو تركيا ومصر بأحايين قليلة.
المادة نقلاً عن موقع ourouba22.com